نقفُ على أحداثِ القدر وخُطوطه المتشابكة التي لا تهبنا بالضرورة أي وضوح أو نبؤة بالقادم، نحاول مجاراته علّنا نفهم وقلوبنا معلّقة بالذي ذهب ولم يكن من نصيبنا، تُوجعنا بعض الضرّاء التي أصابتنا ونستمسكُ بالصبر ولو كان مرًا.. أحيانًا تكون المشكلة في نظرتنا لهذه الأقدار، في الزاوية التي نركز عليها النظر فنغفل كل الإحتمالاتِ الممكنة للخير المبطن فيها فتُغالبنا عاطفتنا على اليقين الذي يُبدي اختيار الله رضًا به واستعدادًا للقادم.. يمكن لأسوأ ما تظنّهُ قد حدث لك في حياتك أن يُحدث أهم نقلةٍ فيها، يُمكن للألم الذي أوجعكَ أن يكون حمايةً من قادم كان سيكون أقسى ويُمكن لعطيةٍ حُرمت منها أن تجلّي قلبك وتجعلهُ أقرب لله من عطيةٍ تغريك وتُبعدك.. قصةُ الخضر وموسى عليهما السلام تهبُنا رؤية الأحداث بصورتها الكاملة لندرك شقّ الحقائقِ الآخر فنطمئنَّ لحكمةِ الله ونتيقنَ بها فنستريح أبدا وننصرف للعمل.
في هذه الحياة نخشى أن نخوض أشياء كثيرة، نخشى أن نخسرها، أو أن نمتلكها فلا تعود تعني لنا كما كانت. يكون ذلك على هيئة أشخاص وأشياء وأماكن. لكننا نجهل أننا نفوّت عمرًا كاملًا حين نخشى، هذا العمر الفردي جدير بأن يُحظى برحلةٍ لا تنسى بها ما بها من الكسب والخسارة، الجراح وأيام الشفاء الطويلة. نخسرُ كثيرًا حينَ نخشى لأن الحياة في التجربة لا في الخسارة،الحياة ليست في أن نحتفظ بالأشياء بل أن نُحظى بها لتمر ر على غيرنا، الحياة أن نجرب أشياء كثيرة ونعرف قدرها، أن ندرك السعادة والتعاسة ونُخظى بخياراتنا الخاصة، نذبلُ للموت حينَ نخشى الحياة، الحياة في أن نريد، أن نختار. أن تكون لنا خياراتنا الصحيحة التي توافق الإرادة الخيّرة. الحياة لا تعني شيئًا دون أن نختار، جئنا لهذهِ الحياة لنختار لا لنخشى، جئنا لنكسب ونخسر ونخوض الطريق الطويل.
أتى هو مرةً وعلّمني خوض التجربة، علمني أنه لا بأس في أن نخسر، لأننا كسبنا التجربة، كسبنا ابتسامة يوم ورضى عمر. كسبنا أننا لن نقول لو أنني فعلت كذا وكذا، لن نأمل ولن يكون لـ “لو” أي حظوة لدينا لأننا خضنا واخترنا، أن تلقى من يحبّك ويستمع إليك ويتمنى لك الخير ويشعر بغيابك حين لا يلتفت الآخرون لأنهم يضعون احتمالاتهم الرتيبة في حين يكون القلق في قلبك، هذا يعني أنني سأعيش هذهِ الحياة وأشعر بالرضى لأني علمت معنى أن يكون لك صديق وفيّ في حين سيظل الآخرون بين الإحتمال والخشية.
أحيانًا تُبتلى في أغلى ما تملك أو تطلب، كانت مريم عليها السلام عفيفةً زكيّة فابتلاها الله في أغلى ما امتلكت وامتازت به فسمعت ما سمعت في عفافها ويمر الزمن ليكون الإبتلاء تزكية واصطفاء.. قد يبتليك الله في فقدِ أمنيةٍ أو صديق أو ربما حُلم كبرت معه إلا أن الإبتلاء يا صاحبي يزكيك ويجعلك أحوج لمن يُغنيك، إنه اصطفاءٌ لك لأجل قادم تكون فيه أهلاً وأشدّ عزمًا وتكون نفسك فيه زكيّة تتربى بأقدار الله وتبصر ما لا يبصر الناس من جميل أقدار الله معك.. لا تيأس يا صاحبي فابتلاء يزكيك خير من عطية تفقدك نفسك و تقطعك عمن يحب وصالك.
ان اجمل الاحلام هي التي نراها مستحيله ثم تتحقق فجاه لتصبح بعد ذلك واقع يجب ان نسعى الى دوامه واستمراره وان احسسنا بان النور قد خفت قليلا علينا ان لا ننسى بانه خلق من جوف المستحيل